ظاهرة البرق التي نراها في ليالي الشتاء الرعدية الممطرة ظلت على مدى قرون طويلة حدثاً مخيفاً للبشر، مما نسج حولها الأساطير؛ فكانت كل حضارة تنظر إلى هذه الظاهرة على أنها حدث يرتبط بالآلهة، ففي الميثولوجيا الإغريقية مثلاً كان البرق هو سلاح الإله زيوس، الذي استخدمه لقتل أعدائه.
ومع حلول النصف الثاني من القرن الثامن عشر، قام بنيامين فرانكلين بأول تجربة علمية أثبت من خلالها الطبيعة الكهربائية للبرق، وأن البرق ما هو إلا شرارة كهربائية ناتجة عن التقاء شحنتين كهربائيتين متعاكستين؛ فقد قام هذا العالم بربط سلك من الحرير إلى طائرة ورقية وأرسله عالياً أثناء وجود عاصفة رعدية، وربط نهاية السلك بقضيب معدني، وعندما قرب القضيب من الأرض انطلقت شرارة قوية تشبه شرارة البرق.
ولكن المعرفة بهذه الظاهرة بقيت متواضعة حتى منتصف القرن العشرين، عندما أمكن استخدام التصوير السريع بواسطة الرادارات والحاسب الآلي.
ومن هنا استطاع العلماء إثبات أن ومضة البرق الواحدة تتألف من عدة ضربات، وكل ضربة تتألف من عدة أطوار، أهمها طور المرور وهو الشعاع الذي يمر ويخطو من الغيمة باتجاه الأرض، وطور الرجوع وهي الشرارة التي ترجع باتجاه الغيمة، أما الزمن الذي يستغرقه ذلك فلا يتعدى عشرات الأجزاء من الألف من الثانية. أنواع البرق
تتنوع أشكال البرق طبقاً لمكان وجود الشحنتين الموجبة والسالبة، وهو لا يحدث إلا في ما يسمى بالغيوم الرعدية المليئة بالشحنات الكهربائية المتولدة عن احتكاك جزيئات الماء.
النوع الأول: البرق الناتج من التقاء شحنتين متعاكستين بين الغيمة والأرض، فغالباً ما تكون الغيمة ذات شحنة سالبة عند الجهة القريبة من الأرض، أما سطح الأرض فيكون ذا شحنة موجبة، ويسمي العلماء هذا النوع "غيمة-أرض" Cloud-Ground، واختصاراً يرمز لهذا النوع بالحرفين CG.
النوع الثاني: وهو البرق الناتج من التقاء غيمة وأخرى، ويعرف هذا النوع ببرق "غيمة-غيمة" أي Cloud-Cloud، ويرمز له بالحرفين CC.
النوع الثالث: وهو ناتج من التقاء الغيمة والهواء، حيث تكون الغيمة محمّلة بشحنة كهربائية، والهواء المحيط بها من أحد جوانبها يحمل شحنة معاكسة. ويعرف هذا النوع بـ "غيمة-هواء" أي Cloud-Air، ويرمز له بالرمز CA.
النوع الرابع: وهو البرق الذي يحدث بين الغيمة وطبقات الجو العليا، ويحدث هذا البرق بين الطبقات العليا في الغيوم وبين طبقة الأيونوسفير والتي تحوي حقلاً كهربائياً.
النوع الخامس: وهو البرق الذي يحدث داخل الغيمة ذاتها، وذلك إذا علمنا بأن أية غيمة تحمل شحنة موجبة في أحد طرفيها، فلابد أن تحمل شحنة سالبة في طرفها المقابل.
النوع السادس: وهو البرق الناتج بين غيمة وهدف على الأرض، مثل شجرة أو بيت أو عمود كهرباء.
وهناك من الأنواع غير ذلك الكثير، ولكن يبقى لنا أن نذكر أن البرق في النهاية هو عبارة عن تفريغ للكهرباء الموجودة بالغيوم، ولذلك فهو يعمل كصمام أمان، لأن هذه الشحنات العملاقة إذا زادت كثيراً فإنها تؤدي إلى تكهرب الجو بكامله، مما قد ينذر بانفجاره في النهاية